الثلاثاء، 28 غشت 2012

إعلام الجهلاء بصفة الصلاة في حفل الولاء





 بقلم سماحة الشيخ العلامة مصطفى الحسناوي






بلغنا في مكتب سماحتنا، سؤال بخصوص صفة صلاة البيعة أو صلاة حفل الولاء، هيئتها صفتها سننها ومستحباتها، ورغم أنها من المسائل المعلومة ضرورة والتي لايسع المؤمن بها جهلها، فيجب تعلمها والعلم بها والدعوة إليها، وحيث أن السؤال توجه إلينا مباشرة فقد تعينت الإجابة، إجابة وصفية أكثر منها تأصيلية، لتكون دليلا للمصلين، وتنويرا للمحرومين، وإلجاما للخائضين، فأقول وبالله التوفيق:





طوابير طوابير صفوفا متراصة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، يقفون بخشوع وتذلل، المئات من العباد يؤدون هذه الشعيرة السنوية، يشدون الرحال من كل الأنحاء والأصقاع لتلك البقاع المقدسة، يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، بساحة المعبد يقفون وقوفهم في ساحة المحشر قلوبهم لدى الحناجر خافقة، أبصارهم زائغة، وأعينهم مسمرة على البوابة الضخمة الرهيبة، ينتظرون خروجه برغبة ممزوجة برهبة وخوف مخلوط برجاء، الأنفس معلقة به، تطمع في رضاه وتأمل في قربه، الأنفاس مقطوعة والأعناق مشرئبة وصمت رهيب يخيم على الأجواء يضفي قداسة على المكان، فجأة يقطع هذا الصمت صرير البوابة الضخمة كأنها باب من أبواب الجنان يفتحها عبدان (كلفا بهذه المهمة وهم فيها إلى أن تقوم الساعة)، فيخرج ممتطيا صهوة جواده يتقدم بكل عظمة وجلال وبهاء وقداسة، تظلله مظلة ضخمة يحملها عبد من العبيد، (هذه مهمته أيضا إلى أن تقوم الساعة فهو في عبادة صابر محتسب لا يفتر ولايتعب ولايكل ولايمل، فسبحان من خلقه وصوره).
وهي صلاة لاتحتاج وضوءا ولاطهارة، فيكفي فيها طهارة القلب وسلامته وولاءه وتوجهه التام، ومن كان هذا حال قلبه فيستحيل أن يسهو أو ينسى في صلاته، فهو دائم الحضور والاستحضار والخشوع والتفكر والتدبر، لذلك كانت صلاة خالية من أحكام السهو، خالية من أحكام المسبوق، حيث أن روادها سابقين غير مسبوقين، يبكرون قبل الوقت بهمة ونشاط، ولا تتم الصلاة إلا بحضورهم أجمعين.
تنتظم الصفوف غير متفاوتة ولا مختلفة قيد أنملة، معبرة عن وحدة القلوب ووحدة المعتقد وإخلاص النية والقصد، وحدة يزيدها لباس الإحرام تأكيدا ورسوخا، حيث يجب على العابد التوجه لساحة المعبد بجلباب وسلهام أبيضين وبلغة صفراء، وتختلف مسافة الإحرام حسب إقامة كل عابد، والمسافة التي تفصله عن ساحة المعبد، يتم إعلان دخول وقت الصلاة الضروري بأذان وإقامة مختلفين، تبدأ بخمس طلقات مدفعية تهزك هزا وتذكرك بقدرك وضعفك، تليها ترانيم سماوية وموسيقى عسكرية تحلق بك في ملكوت اللاهوت والناسوت، وباسم الله والوطن وجلالة الملك تبدأ الصلاة.
أمام حشود العباد، ممتطيا صهوة جواده، تظلله المظلة الضخمة كأنها الغمامة التي ظللت محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، يركع المصلون ثلاث ركعات بكل تذلل وخضوع وإنابة، أبصارهم خاشعة وهاماتهم مخفوضة ورؤسهم منكوسة، ثلاث ركعات هي الفرض، أما ما يقال أثناءها من أدعية وأوراد فهو على سبيل الندب والاستحباب، يجتهد فيها العابد ويبذل وسعه لينال الحظوة والرضى، ويرتقي الدرجات العلى، ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما جنى واجترح، وما كسب واقترف، وبينما العابد في تلك الحالة من الوصل والجذب والكشف، يسمع مناديا ينادي مع كل ركعة يركعها، أن عمله متقبل مبرور وأنه لو أتى مثل زبد البحر غفر له، وأنه عبد مخلص مجتبى نال الحظوة والرضى وأن له ما تمنى، فيصيح المنادي (الذي خلق لهذا الغرض وهو يقوم بهذه المهمة منذ الأزل إلى أن ينادى للمحشر)، بصوت مزلزل يسمعه الثقلان، من إنس وجان، وترتج من هوله وقوته كل الأركان، "الله يعاونكم قال ليكم سيدي"، "الله يصلحكم قال ليكم سيدي"، "الله يرضي عليكم قال ليكم سيدي"، وذلك مع كل ركعة يركعها المصلي العابد، كما تقدم ذكره، فيكون نداء المنادي علامة على أن العمل رفع، والدعوة استجيبت والصلاة قبلت والأجر ثبت، فيا سعد من كان هذا حاله، ويا حظ من آل لهذا المصير مآله، فتبيض الوجوه وتنشرح الصدور، ولامجال للحسرة والندامة في هذا اليوم المشهود، وقلما تسود الوجوه وتتكدر القلوب وتضيق الصدور، بل ينعدم ذلك لأنه يوم الرحمات، تفيض في كل الأركان والجنبات، فتعم بركات هذا اليوم، كل المخلوقات، يوم هو خير من ألف يوم، العبادة فيه تغني عن عبادة باقي أيام السنة، والصلاة فيه مجزئة. وهي صلاة كفائية يقوم بها البعض فتسقط عن الكل في الوجوب، لكن أجرها و ثوابها لا يلحق إلا من أداها وأقامها حق قيامها. 

يخرج المصلي من صلاته بغير تسليمة ولاتسليمتين، إذ تكفيه النية، ولاخلاف في هذه المسألة كغيرها من مسائل هذه الصلاة التي وقع عليها الإجماع، ولا يعلم خلاف في أركانها وشروطها وواجباتها ومستحباتها، وهي من العبادات التي وقع عليها الإجماع وانعدم فيها الخلاف، دون سائر العبادات والشعائر والعقائد والشرائع، على مر الأزمنة والدهور، ولايعلم في تاريخنا من تكلم عليها من العلماء، إلا في زمان الفتنة هذا الذي نعيشه، حيث بدأ الرويبضات يتطاولون وينتقدون ويعترضون، محاولين إطفاء هذا النور،  وتحويله إلى ظلام وديجور، كأنهم أعلم من غيرهم وأرسخ من سابقيهم، نسأل الله السلامة والعافية وأن يتغمدنا برحمته، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ويتقبل صلاة المصلين وبيعة المبايعين وولاء الموالين والحمد لله رب العالمين.




هذا ماتيسر جمعه بخصوص هذه الصلاة، وكتبه على عجل، راجي الصفح والغفران، الشيخ العلامة والبحر الفهامة مصطفى بن محمد الحسناوي الميسوري مولدا السلاوي هجرة، كان الله له بمنه وكرمه.
ليوم خلا من شهر شوال عام ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف.






الخميس، 23 غشت 2012

حوار مع الناشطة الحقوقية لورين بوث



 

حاورها مصطفى محمد الحسناوي



قدمت الصحفية والناشطة الحقوقية البريطانية لورين بوث إلى المغرب يوم الأحد 23 أكتوبر 2011، من أجل المشاركة في المسيرة التضامنية مع المعتقلين الإسلاميين. وهي المسيرة التي تعرضت لقمع مفرط من قبل قوات النظام التي منعتها من الانتظام باستعمال الهراوات ومطاردات الناشطين لمنعهم من الوصول إلى باب الحد بالرباط حيث كان مقررا أن تنطلق المسيرة.

وللإشارة فقط فلورين بوث، هي أخت زوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، وقد أسلمت قبل سنة، وتزوجت من طبيب لبناني مقيم ببريطانيا، وتعتبر من الداعمين النشطين للشعب الفلسطيني ولحركة حماس في غزة.
الصحفية بريطانية معروفة بكتاباتها في وسائط مهمة كثيرة منها على سبيل المثال:

Daily Mail
Mail on Sunday
New Statesman
Independent

وعلى هامش زيارتها للمغرب إلتقيتها وأجريت معها اللقاء التالي:

هل لك أن تحدثينا عن سبب زيارتك للمغرب؟

قبل أن أجيبك أحب أن أسجل أنه تم التعامل معي بطريقة مستفزة، مباشرة لدى وصولي إلى مطار الدار البيضاء، حيث تم تفتيشي، وتفتيش أمتعتي، ودام الأمر أربعين دقيقة، كما أن مسؤولا لما عثر على مصحفي المترجم باللغة الإنجليزية، نظر إليه باستغراب وقام بتفتيشه صفحة صفحة بطريقة مهينة، وكأنه يبحث عن شيء معين بين صفحاته.

أما عن سؤالك بخصوص سبب زيارتي، فالأمر يتعلق بالوقوف مباشرة على قضية الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون على خلفية قناعاتهم وأفكارهم ومواقفهم، وخاصة معتقلو السلفية الجهادية.


-  كيف جاءتك فكرة الزيارة في هذا الوقت بالضبط؟

قبل أسبوع قام وليام هيغ سكرتير العلاقات الخارجية لبريطانيا بزيارة للمغرب، ومباشر صرح قائلا: "تجمعنا علاقة دافئة مع المغرب"، لدى سماعي لهذه الكلمة تذكرت تصريحا سابقا مماثلا لطوني بلير، لدى زيارته لليبيا سنة 2004، حيث قال أيضا أن "علاقة دافئة تجمعهم بالقذافي"، فعرفت ماذا يقصدون بالعلاقة الدافئة، فقررت دق ناقوس الخطر، وتحذير الشعب البريطاني، من نوع الصفقات والعلاقات والملفات التي تتورط فيها حكومته، مع الدول المتورطة في قمع واضطهاد شعوبها.

أيضا أردت تنبيه النظام المغربي، من أن الدول الغربية وعلى رأسها بريطانيا، لا تعرف صداقات دائمة، والأمثلة واضحة في الدول العربية التي وجد فيها حكامها أنفسهم في حاجة لدعم أمريكي أو بريطانيا، فكان الخذلان هو الصفعة التي أفاقتهم من أحلامهم، من هنا أوجه ندائي للنظام المغربي بأن يوطد علاقته مع الشعب، بكل طوائفه ومكوناته وأبنائه، لأن الشعب هو السند الحقيقي والدائم.


-  ما انطباعك وأنت تشاركين في مسيرة يوم 23 أكتوبر التي دعت لها حركة 20 فبراير؟

المسيرات التي تتكون من مختلف ألوان وأطياف وتشكيلات المجتمع، دليل على أن النظام يعيش وضعا سيئا، ودليل أيضا على تفاقم أوضاع حقوق الإنسان، ولدى معاينتي للقمع الذي تعرض له المتظاهرون وحجم الإصابات ونوعيتها.


-  كلمة أخيرة؟

أطالب النظام المغربي، بأن يتعامل مع معتقلي السلفية الجهادية وغيرهم من المعتقلين السياسيين، كما تعاملت حماس مع جلعاد شاليط، حيث تعاملت معه باحترام ومتعته بكافة حقوقه كأسير، وخرج بصحة جيدة كما تابعنا على شاشات التلفاز.