الجمعة، 17 غشت 2012

حوار مميز مع أم جهاد




حاورها مصطفى محمد الحسناوي

جرت اليوم الخميس 16 غشت 2012، المحاكمة الثانية الثانية لما سمي بخلية حزب التحرير، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بعد استئناف الحكم الأول، وكان من المقرر حضور عدد من المحامين للمرافعة في هذه القضية بينهم محامية من تونس ومحاميان من مصر والأردن وعدد من المحامين لكن تعذر حضورهم، وقد طالب محامو المتهمين الأساتذة عبد المالك زعزاع وسعيد بوزردة والأستاذ الإبراهيمي والأستاذ حلحول، بإحضار خبير في المعلوميات وخبير في الشؤون الإسلامية لمعرفة ما إذا كانت الافكار التي يدعو لها الحزب إسلامية أم لا، كما طالبوا باسراح المؤقت لموكليهم وهو الطلب الذي تم رفضه، التقينا بالسيدة أم جهاد زوجة المعتقل الرئيسي تهامي نجيم، الدانماركي الجنسية، فكان لنا معها هذا الحوار لتوضيح ملابسات القضية وعدد من القضايا المتعلقة بأفكار واختيارات الحزب.
1)     أصدرت المحكمة الابتدائية بتاريخ 5 يونيو 2012، حكما بإدانة اثنين من شباب حزب التحرير ب 10 أشهر نافذة، وتم استئناف الحكم، اليوم رفضت المحكمة طلب المحامين السراح المؤقت لموكليهم، وتم تأجيل المرافعة للأسبوع المقبل، كيف تتوقعين سيدة أم جهاد أن يكون الحكم في جلسة الخميس المقبل 23 غشت 2012، بمحكمة الاستئناف بالبيضاء؟
زوجي هو أحد المحكوم عليهم وهو المتهم الرئيس بالملف مما يجعلني على اطلاع بمضمونه ومجرياته، فالملف فارغ والتهم لا تقوم على وقائع وما نسب لزوجي من تلق لأموال من جهات أجنبية عار عن الصحة. هي محاكمة لأراء إسلامية تخالف نظرة الدولة، تتابع بتهم لا أساس لها فقط لإيجاد التكييف القانوني بحسب القانون الجنائي. ولهذا شاب الملف من بدايته خروقات دلت على أن الإدانة جاهزة منها بيان الداخلية بعد الاعتقال بأقل من 24 ساعة الذي ساق فيه التهم للمعتقلين والتحقيق لم ينته بعد وكذلك استغناء قاضي التحقيق عن الإنابة القضائية التي طلبها من السلطات الدنماركية وعدم انتظار نتائجها وهي كانت ستثبت أن ما يحول لزوجي من أموال هل هو أجرته أم لا؟ إضافة إلى سير المحاكمة في المرحلة الابتدائية حيث وقع القضاء في تناقض صارخ جعل استقلاليته ونزاهته موضع تساؤل، فبينما طالت المرافعات أربع ساعات لم تستغرق مداولة النطق بالحكم سوى 5 دقائق. فهل كانت الخمس دقائق كافية للخروج من قاعة المحكمة والذهاب لقاعة المداولة والتداول في القضية ثم الرجوع للنطق بالحكم؟ سؤال يحتاج لجواب.
ففي غياب ما يثبت أن القاضي يحكم بقناعته وبحسب ما يقدم له من حجج سيبقى رأيي مجرد تخمين، لكن ما أجزم به أن الحكم هو البراءة شرط نزاهة القضاء واستقلاليته.
2)     جاء في بيان الحزب الأخير ما معناه أن الأجهزة الأمنية تلجأ بمساعدة الأقلام المأجورة، للسياسة العزف على أمن المواطنين، أو للتشكيك في ذمم المعارضين أو أعراضهم، من أجل خلق رأي عام يتقبل اعتقال المعارضين، كيف تواجهون هذه التهم أو هذه السياسة التي تسعى لتشويه صورتكم لدى الشعب؟ خاصة وأن هذه السياسة ثبت أنها تؤتي أكلها في أحيان كثيرة، والأمثلة من الحزب ومن جماعة العدل والإحسان ومن السلفية الجهادية وغيرهم كثيرة.
إن معادلة التدافع الإعلامية بين الدولة ومن يخالفها الرأي هي في صالح الدولة بحسب المقاييس المادية المحسوسة فالدولة تمتلك الإعلام والمال والرجال. لكننا نمتلك الحق والجرأة في قول الحق وحمله للناس مما يجعلنا في موقف قوة قال تعالى: (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) وهذا شأن كل باطل أنه زهوق فما على الحق إلا أن يصدع به أهله فيزهق الباطل. والحمد لله الحزب من أول يوم كان واضحا أفكاره سجلها في كتبه المتبناة وهو لم يحد عن فكرته ومبدئيته بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء وهو موجود في كل العالم فيكفي إثارة تفكير الناس ليفكروا وتنبيههم لينتبهوا خاصة وأنهم خبروا الاعتقال السياسي في المغرب. أما السبيل لذلك فهو التواصل مع الناس بكل الوسائل الشرعية الممكنة.
3)     هل يمكن أن تحدثينا عن الفرق بين محاكمة شباب الحزب لسنة 2006، ومحاكمتهم سنة 2012، في ظل المتغيرات والمستجدات من ربيع عربي وثورات، إقليميا، إلى الدستور الجديد وحكومة العدالة والتنمية محليا؟ ما الذي تغير وما الذي استجد بالنسبة لحزب التحرير؟
بالنسبة لحزب التحرير هو سائر بنفس طريقته ومنهجه لم يتغير شيء، لكن الحزب هو كيان سياسي يعمل في الأمة لتحميلها أفكاره ومبدءه لوضعها موضع التنفيذ. فهناك الحزب وهناك الأمة وهناك الدولة والكيانات السياسية الأخرى والأفكار والمشاعر المخالفة للإسلام في المجتمع ولا ننسى الغرب مباشرة أو من وراء ستار. هذه كلها تتفاعل والحمد لله انتفاضة تونس كسرت حاجز الخوف عند الأمة واتضح أن الأمة أقوى من الدولة وبعبع الدولة البوليسية تلاشى واتضح كذلك أن الإسلام مطلب الأمة. مما جعل إقبال الأمة على العمل للتغيير الإسلامي يزداد بغض النظر عن قوة قمع الدولة من ضعفه وتآمر الغرب وسوريا خير شاهد رغم القتل والتقتيل والتواطؤ الدولي والإقليمي الناس تخرج يوميا وتتظاهر وتتحدى آلة القتل وتقدم الشهيد تلو الشهيد "على الجنة رايحين شهداء بالملايين". في ظل هذا الإقبال من الأمة لا يمكن لدعوة الحق إلا أن تتقوى. أما ما يقع بالمغرب فقد صرح بنكيران رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية في أكثر من مناسبة أن ما وقع ما هو إلا للحفاظ على استمرارية الدولة. وهو ما عبر عنه الحزب من كون العدالة والتنمية طوق نجاة للنظام.
في هذا الظرف الإقليمي والمحلي تعقد محاكمة شباب حزب التحرير وهو ظرف مخالف لما كانت عليه في 2006، لكن هل منطق الدولة تغير؟ هل أدركت أن الرأي يواجه بالرأي وليس بالاعتقالات السياسية؟ إن مجرد الاعتقال في 2012 يقول بخلاف ذلك فما بالك وأن الشباب أدينوا بالحبس النافذ.
4)     في نفي وجود معتقلين سياسيين ومعتقلي رأي بغرض التملص من المسؤولية، طريقة درج عليها عدد من الإسلاميين فقبل وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، سبق للدكتور أحمد الريسوني قوله في حوار مع أسبوعية الأيام عدد 201: "أنه لم يسمع عن أحد أفتى أو أبدى رأيه واعتقل"، قال ذلك في وقت كان الناس يخطفون ويسجنون ويعذبون ويقتلون، من أجل أفكارهم وعقائدهم وقناعاتهم وخطبهم وفتاويهم فقط. بالإضافة لصمت القبور من جل القيادات والزعامات الإسلامية، ما تعليقكم على هذه الظاهرة من إسلاميين المفروض أن نصرة المظلوم وفضح الظالم ركن ركين في دعوتهم؟
التعميم خطأ في الحكم، يوجد في الأمة والحركة الإسلامية من الأخيار من دافع عن المظلومين ولم يبدل ولم يغير فجزاهم الله خير الجزاء. وهناك ساكتون عن الحق وهذا حالهم في كل موطن يجب أن ينتصروا فيه للإسلام وليس فقط نصرة المظلوم ولهؤلاء أقول ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يَنْبَغِي لامْرِئٍ يَشْهَدُ مَقَامًا فِيهِ مَقَالُ حَقٍّ إِلا تَكَلَّمَ فِيهِ ، فَإِنَّهُ لَنْ يُقَدِّمَ أَجَلَهُ ، وَلَنْ يَحْرِمَهُ رِزْقًا هُوَ لَهُ ) وهناك فئة ثالثة الظاهر في قولها أنها بدلت وغيرت والله يتولى السرائر وهذه أذكرها بقول الله : (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) وهي أهل للذكرى.
5)     ما هي التوجهات الإسلامية التي ترونها أقرب لكم في مواجهة الظلم وفضح المخططات التي تستهدف المسلمين؟
لا توجد لائحة هذا قريب وهذا بعيد، الذي يجمعنا والذي يفرقنا هو الله أي الإسلام عقيدة وأحكاما. فالتوجهات الإسلامية التي مبنى أرائها وسلوكها اجتهاد شرعي سليم فهي منا ونحن منها وإن خالفناهم الرأي. ونشد على أيديهم لنصرة الدين وأهله. ولكل حدث حديث.
6)     سبق لمؤسسة راند الأمريكية في شهر فبراير 2004 أن أصدرت تقريرا بعنوان "الإسلام المدني الديمقراطي الشركاء والموارد الإستراتيجية"، قسم الاتجاهات الفكرية في العالم الإسلامي، إلى خادمة للمشروع الأمريكي، و يمكن التحاور و التقارب معها، سماها: جماعات الإسلام الديمقراطي. وجماعات تحارب المشروع الأمريكي يجب القضاء عليها، فكان ضمن هذه الأخيرة حزب التحرير إلى جانب التيار الجهادي وبعض الجماعات السلفية، السؤال:
لماذا في نظركم تم تصنيفكم هذا التصنيف رغم موقفكم المعروف والواضح من استعمال السلاح؟
وهل محاكمات شباب الحزب في المغرب محكومة بنفس نظرة واستراتيجية هذا التقرير الامريكي؟
أمريكا والغرب عموما له تصنيف للحركة الإسلامية قوامه القبول بنمط عيشه للحياة ومنه عدم القول بنظام الخلافة، عدم المطالبة بتطبيق الشريعة، عدم القول بأن فلسطين للمسلمين من النهر إلى البحر...، فالغرب لا مشكلة لديه مع من يمطط الإسلام ليوافق المبدأ الرأسمالي لكن مشكلته مع من ينظر للإسلام كمنظومة متكاملة دين من رب العالمين لا يقبل التجزئة فيه القدرة على قيادة البشرية وإخراجها من ضنك الرأسمالية وسيطرة الدول الاستعمارية الرأسمالية وكل من يحمل هذه النظرة فالغرب يعده عدوا سواء أحمل السيف أو القلم.
وحتى زينو بران في تقريرها عن الحزب لم تقل أنه يستعمل العمل العسكري لكنها حذرت منه لأنه يقود معركة العقول والقلوب في بلاد المسلمين ضد المبدأ الرأسمالي وحملته.
أما مسألة تأثير ذلك على المحاكمة فهذا يعود للدولة وبمن تهتدي وإن كانت الدولة تعلم حقيقة حزب التحرير.
7)     أنا متابع للحزب منذ ما يقارب من عشر سنوات، وكانت مواقفه واضحة بالنسبة لاستعمال السلاح حتى في المناطق المحتلة، لدرجة وصف البعض تلك المواقف بالسلبية، إلا أن الملاحظ أن تلك المواقف تغيرت بعد الثورات حيث أيد الحزب الخروج المسلح في أكثر من محطة، وربما الثورة السورية أوضح مثال، هل يمكن اعتبار ذلك نوع من المراجعة؟
الحزب لم يغير موقفه وهو لم يحمل السلاح في أي مكان وفي الثورة السورية بالذات فقد ظل الحزب ينادي بسلمية الثورة. لكن آلة القمع الأسدية جعلت أهل سوريا يحملون السلاح للدفاع عن أنفسهم، فالأمة هي من حملت السلاح في وجه نظام البعث الأسدي. لقد أتى نظام البعث بما لم يأت به الأوائل قصف المدن الآهلة بالسكان الآمنين استعمل ضدهم الطائرات والصواريخ وهددهم باستعمال السلاح الكيميائي كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام فكانت النتيجة الطبيعية أن حملت الأمة السلاح للدفاع عن وجودها في معركة وجود مع النظام أدارها النظام عسكريا واستعمل فيها كل أسلحة البطش التي يتوفر عليها بدعم وغطاء دوليين. فالحزب لم يحمل السلاح ولن يحمل السلاح لأنه مخالف لطريقته.
8)     الحزب من دعاة توحيد الرؤية، عمليا كيف توحدون الصيام والإفطار، هل تفعلون ذلك مع أول دولة تعلن الرؤية، أم تعتمدون رؤية الحزب من خلال ولاياته وأتباعه المنتشرين في العالم؟
شباب الحزب مسلمون كسائر المسلمين يمارسون شعائرهم الدينية بحسب الأحكام الشرعية والحكم الشرعي واضح إذا بلغ الخبر أن بثبوت رؤية الشهر سواء للصوم أو الفطر وجب الصوم أو الفطر. والحمد لله الإعلام اليوم ينقل الأخبار ثانية بثانية، والحزب كذلك ينقل على موقعه ويذيع على إذاعته خبر تحري الشهر في بلاد المسلمين.
9)     بالعودة إلى المغرب في أي مرحلة من مراحل الدعوة يموقع الحزب نفسه الآن؟
الحزب هو كيان واحد كالجسم الواحد في نفس المرحلة.
10)                        في سنة 2003 عاودت مجموعة "الناكثين" بتعبير الحزب الظهور من جديد، وأعلنت عن عدة مراجعات باسم الحركة التصحيحية، هل وصلت شقوق هذا التصدع إلى المغرب؟ أم بقي متماسكا لم يؤثر فيه ذلك الانشقاق؟
الحزب كائن حي به خلايا تموت وخلايا تحيى هذا هو جوابي على سؤالك.

0 التعليقات:

إرسال تعليق