الثلاثاء، 18 دجنبر 2012

الانفراج الحقوقي بالمغرب.. (ماذا بعد الإفراج عن الدفعة الأولى من المعتقلين السياسيين؟)


الصورة لأبناء وزوجة عبد القادر بلعيرج


بعد صمت طويل أنشر هذا التصريح حول موضوع تم السكوت عنه منذ بدأ الربيع العربي و "التحولات السياسية" إذا صح القول، التي عرفها المغرب من دستور عادل، وحكومة ديمقراطية، ووعود بالتغيير ....
قضية ، ليست بالمجهولة ولا القديمة حيث برزت على أولى صفحات الجرائد لمدة طويلة قبل أن تستنزف نجوميتها من دون اتخاذ أي موقف حاسم وجاد من لدن أي طرف، ومرت موسمية كباقي عناوين جرائدنا.
منذ صدور الأحكام في الملف تهافتت المنظمات الحقوقية العالمية والمحلية في دراسة هذه القضية (منها : human right watch، منتدى الكرامة" برئاسة مصطفى الرميد، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حركة مواطنون ...) لتثبت براءة غالب المتورطين، وكذا محاكم بلجيكا التي جردت المدان الأول "بلعيرج" من التهم الموجهة إليه، ليظل القضاء المغربي متشبثا بحكمه بتورط عدد كبير من الأبرياء.
إذا قمنا بتتبع بسيط للأحداث منذ البداية فإنه يتبين بوضوح وجود ثغرات وشبهات في كل المراحل منذ الإدانة وإلى يومنا هذا. في العام الماضي تم إطلاق سراح "مصطفى المعتصم"، "محمد المرواني"، "العبادلة ماء العينين"، "الركالة" و "السريتي"
وبقي إلى يومنا هذا 22 معتقلا في نفس الملف وراء القضبان. سؤال بسيط : كيف يعقل في نفس الملف وباتهامات متعلقة ببعضها داخل ما سموه : خلية بلعيرج، أن يفرج عن البعض ويبقى آخرون.
بعد الاعتقال والمحاكمة في قضية بلعيرج تدخل مجموعة من المحامين للدفاع في هذا الملف ليتم الحديث عن "معتقلين سياسيين" و"معتقلي ملف بلعيرج". هذا النص الثاني الذي جمع 5 معتقلين بتفضيل عن الآخرين (المعتصم، المرواني، ماء العينين، الركالة، السريتي) ليتم لاحقا الحديث عنهم كوجوه مظلومة والعفو عنهم . وبقي الأعضاء المستقطبين إلى الحركة منهم والدي دون أن يلتفت إليهم لا الإعلان ولا من كان سببا في إدانتهم. حتى بالنسبة للرأي العام فإن الملف قد حل وتم الإفراغ عن جميع المعتقلين ما عدى "بلعيرج" وهذا ظلم حقيقي في حق الآخرين.
خلق الربيع العربي نوعا من النهوض الفكري وولد طاقة تكلم بها جميع الأطراف المظلومة عن حقوقهم لكن كما وسبقت الإشارة فقد تم العفو عن بعض الوجوه البارزة فقط، وخيبت بذلك آمالنا في التغيير الجدري الذي كان من المفترض أي يأتي به الدستور داخل الحكومة، وكما قال الأمير مولاي هشام في تصريح له : ... إن الدستور الجديد الذي اعتمده المغرب كان يمكن أن يؤدي إلى انتقال ديمقراطي حقيقي لكن لم يؤد سوى إلى التعايش.
بعد ذلك استفاد حزب العدالة والتنمية من تهيج الأوضاع ليغرقنا بالوعود والخطابات المثالية، قبل التربع على مناصب الحكم كان كل من سعد الدين العثماني ومصطفى الرميد أول مساند للقضية هذا وبصرف النظر عن كون العديد من أعضاء الحزب أصدقاء لأعضاء حركة الاختيار الإسلامي ومنهم والدي.
أول من يذكر في هذا النطاق هو وزير العدل مصطفى الرميد الذي كان يترأس :منتدى الكرامة" وهي منظمة حقوقية تبنت الدفاع عن معتقلي ملف بلعيرج، وكان الرميد أيضا أحد المحامين المكلفين بالدفاع عن الملف. فمن المنتظر من أي شخص ذو منصب حكومي وله دخل في اتخاذ القرارات أن يسمو بفكره ويكون له خطاب أكثر موضوعية وبراكماتية، إلا أن الرميد وعندما سئل مؤخرا عن تلك القضايا التي كان يدافع عنها له وللأسف جواب بمستوى لا يتناسب البتة مع موضعه وانحط به إلى الشعبوية، إذ قال : " حنا درنا ليهم شوية البروك
كما يؤسفني تذكر حضور رئيس الحكومة جلسات المحاكمة آنذاك، وكذا سعد الدين العثماني الذي حضر بعض الوقفات التي أقمناها مساندة لباقي المعتقلين، وكذا العديد من أعضاء الحزب.
الآن وبعد مرور 5 سنوات من النسيان وسط السجون، حان الوقت للمطالبة بالمساواة بين من استفاد من العفو  وبين باقي معتقلي قضية بلعيرج. وهذه رسالة أوجهها إلى من تصرفوا بأخوة ومروءة ولم يتكلموا أبدا بعد خروجهم عن من لا زالوا ظلما وراء القضبان .  

        
"عبد المنعم بنوح" ابن "عبد الصمد بنوح" أحد أهم المتهمين في ملف بلعيرج



الاثنين، 17 دجنبر 2012

استقالة السيدة أم آدم المجاطي

توصلت ببيان الاستقالة هذا، من السيدة أم آدم المجاطي هذا الصباح وأنشره كما وردني 






بسم الله الرحمن الرحيم

كسر جدار الصمت ... لماذا آن الأوان لنشر استقالتي ؟
أم الشهيد بإذن الله ءادم كريم المجاطي



الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده

أخيرا ... آن الأوان لنشر استقالتي تبرئة لذمتي أمام الله سبحانه و تعالى ثم أمام أبنائي و إخواني المعتقلين الذين شرفني الله عز و جل بحمل همومهم و خدمتهم والنضال من أجل إطلاق سراحهم و حفظ كرامتهم و لم يكن لي آنذاك زوج أو أخ أو ابن وراء قضبان الظلم و الظلام في عز ما أسميه "بالصقيع العربي" أي سنوات قبل أن تهب نسائم الربيع العربي على المنطقة و قبل ظهور الإخوة المعتقلين السابقين على الساحة.
و أخيرا ... آن الأوان لنشر استقالتي ليعلم الجميع أنني لا أتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين لأنني بكل بساطة استقلت منها بصفة رسمية و فعلية منذ 5 مارس 2012 أي منذ تسعة أشهر.
لكن لماذا يا ترى آثرت أن تبقى استقالتي طي الكتمان كل هذه المدة ؟
فبعد استخارة و استشارة قررت عدم الإعلان عن استقالتي و الاكتفاء بإرسالها لأعضاء اللجنة المشتركة و ذلك لمصلحة قضية المعتقلين و عدم التشويش عليها خصوصا أن أبنائي و إخواني الأسرى كانوا مقبلين على موجة نضالية غير مسبوقة من الإضرابات عن الطعام في سجني تولال 2 و سلا 2 بعد أن عانوا من عقوبة جائرة لأكثر من سنة ظلما و عدوانا.
كما أني كنت حريصة على ألا يقال أن هناك انشقاقات داخل اللجنة المشتركة حفاظا على وحدة الصف رغم أنه كان بإمكاني حل اللجنة المشتركة المكونة من تنسيقية الحقيقة للدفاع عن معتقلي الرأي و العقيدة و تنسيقية المعتقلين السابقين لأجل استرداد تنسيقية الحقيقة التي تم تأسيسها إبان أحداث 9 أكتوبر الأسود المروعة من سنة 20َ10. هذه التنسيقية المباركة كنت بفضل الله ثم بفضل الأستاذ محمد حقيقي سببا في تأسيسها. و تجدر الإشارة إلى من كان لهن الشرف و السبق إلى وضع أول لبنات هذه التنسيقية بكل شجاعة و شهامة هن :
الأخت الزوهرة صحيف أم الأخوين زارلي,
و الأخت مليكة صبري أم الأخ فرقي,
و الأخت الزاهية شكيك أم الأخ البصاري,
و الأخت سناء حضري زوجة الأخ رشيد العروسي.
و بعد ذلك التحقت بنا الأخت حسناء مساعد زوجة الأخ ياسين بونجرة التي لا يفوتني أن أنوه بموقفها الشجاع حيث أعطت اسمها و عملت بكل جد و تفان رغم الظروف الصعبة التي كانت تعاني منها.
كما لا ننسى أختنا أمينة الإدريسي زوجة الأخ يونس الهزاط التي كان لها فضل كبير من بعد الله عز و جل في دعم تنسيقية الحقيقة خصوصا على المستوى الإعلامي.
هؤلاء الأخوات الفضليات الواحدة منهن بمائة رجل، حيث تحملن عبء مسؤولية جسيمة، في الوقت الذي أحجم جميع الرجال، إلا أن بعضهم قام بإطلالة خفيفة علينا في طور التأسيس و لم نرهم إلا بعد أن هبت نسائم الربيع العربي.
و أكرر ... آن الأوان لأعلن عن استقالتي نظرا لوقوع مشاكل و صراعات داخل ما يسمى بالصف،ابتدأت بتجاهل قضيتي كأسيرة سابقة أم معتقل سابق و زوجة معتقل حالي.على سبيل المثال عدم نشر حرف واحد حين تم اعتقالي و استنطاقي مرتين من طرف المخابرات و عدم نشر اللجنة المشتركة لتقرير طويل في الموضوع أعددته بنفسي. أيضا لم تنشر كلمة واحدة حين اتهمتني إحدى الجرائد الصفراء بأنني متزوجة بثلاث أزواج في نفس الوقت. بعد ذلك تم خذلاني في عدة قضايا منها على سبيل المثال :
ــ قضية ابني إلياس أصغر معتقل سابق,
ــ قضية تسلم و دفن أو على الأقل معرفة مكان دفن جثماني زوجي و ابني الشهيدين بإذن الله كريم و ءادم المجاطي تقبلهما الله,
ــ قضية منعي من توثيق زواجي من الأسير المظلوم مولاي عمر العمراني هادي و منعي من زيارته رغم توفري على ثلاث رخص لوكلاء الملك و وعدين صريحين من بنهاشم أمام الشهود و منهم الأستاذ محمد حقيقي ,
و في النهاية تم إقصائي ثم محاربتي بشكل فج ومتدني وهابط.
بلغ الصراع ذروته بعد الإفراج عن الشيوخ حيث تحول إلى حرب قذرة غايتها التشويه الممنهج لسمعتي لإسقاطي في أعين الناس.

ولوضع حد لهذه المشاكل و إنهاء هذا الصراع آثرت أن أستقيل و أترك اللجنة حفاظا على وحدة الصف و أيضا حفاظا على استمرارية النضال من أجل قضية عادلة تستحق التضحية ألا و هي قضية "فك العاني".
تنازلت و انسحبت في صمت على غرار ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه حيث روى:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ذكر كلاما، وفيه أنه عليه السلام، قال: {كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى,
هنا أتساءل يا أعضاء اللجنة المشتركة الموقرة : ألم يكفكم أنني تركت لكم تنسيقية الحقيقية التي كلفني تأسيسها جهدا و عناء و سهرا و حربا ضروسا مع من كان يحاول طمس القضية و تحريف مسارها ... فرغم قلتنا و ضعفنا و قلة إمكانياتنا و تكالب الأعداء علينا، منّ الله علينا بالعزيمة و الإرادة ووفقنا الله سبحانه و تعالى للثبات و الصمود، و ذلك بالتمسك بحبله المتين لخدمة و تنفيذ قرارات إخواني و أبنائي الأسرى، بكل صدق و إخلاص و أمانة، وفي انسجام و تناغم و تفاهم مما كان من أول ثماره فك الحصار عن أسرانا ضحايا 9 أكتوبر الأسود في سجن القنيطرة و اتفاق 25 مارس2011. تركت لكم اللجنة وما فيها... حتى الصفحة لا أزاحمكم فيها رغم ما يكال لي فيها من الشتائم و الهمز و اللمز المباشر و غير المباشر، بطريقة سوقية لا علاقة لها بأخلاق المسلمين....؟
ما هذه الغلظة على امرأة في سن أمهاتكم؟
امرأة ابتليت في سبيل الله بشتى أنواع الابتلاء و لله الحمد.
ألم يكفكم مقتل الزوج و الولد أسأل الله جل في علاه أن يتقبلهما في عداد الشهداء ؟
ألم يكفكم استمرار الدولة في اعتقال جثماني زوجي و ابني الشهيدين كريم و ءادم المجاطي ؟
ألم يكفكم أسري وأسر ابني ؟
ألم يكفكم أسر زوجي و حرماني حتى من زيارته ؟
ألم يكفكم حصاري من طرف المخابرات و ملاحقتهم لي الفجة على مدار الساعة منذ ثمان سنوات ؟
ألم يكفكم كل هذا؟ فجرد بعض رؤوس لجنتكم سيوفهم وصوبوا سهامهم الطائشة صوب عرضي و شخصي ظلما و عدوانا، و تركتم بن هاشم و جلاديه يسرحون و يمرحون مطمئنين ... كرامتهم محفوظة و حقوقهم مصونة و اشتغلتم بنا حتى أصبح منكم من يواظب على قيام الليل عاكفا على السب و الشتم ليشفي غليله و العياذ بالله إلى مطلع الفجر، قائما بالكلام البذيئ يكيله لأم ءادم المجاطي المعتقلة السابقة زوجة المعتقل الحالي عمر العمراني و لابنها إلياس المجاطي المعتقل السابق الذي أمضى تسعة أشهر في المعتقل السري بتمارة و هو طفل عمره 10 سنوات و خرج بعاهات نفسية و جسدية أصبحتم تعيرونه بتناول العقاقير الخاصة بأمراض الأعصاب. تعيرون إلياس بأمراضه النفسية التي لا يد له فيها فهو ورثها من التعذيب الذي مارسته عليه الديموقراطية الأمريكية و حلفاؤها العرب... تستهزئون منه و تجتمعون على هذا أحيانا جماعة من "الإخوة الأفاضل" كما يسميكم مشرف الصفحة . و الأدهى و الأمر أن كل من سولت له نفسه الدفاع عنا ، يكون مصيره الحذف و الطرد من جنة اللجنة، و تصيبه اللعنة، فيطاله ما يطالنا و ينال نصيبه الموفور مما يصيبنا على أيدي "إخواننا الأفاضل" أحيانا بأسماء مستعارة و أخرى بمعرفاتهم الحقيقية حتى ساءت حالة إلياس النفسية فتكررت زياراته لطبيبه الأستاذ بطاس الذي وقف على حجم المعاناة و حجم الدمار النفسي عند إلياس بسبب استهتار بعض الإخوة هدانا الله و إياهم ضاربين بعرض الحائط كل القيم الدينية و الأخلاقية و الإنسانية لمعتقل سابق ذاق مرارة السجون السرية الأمريكية و التعذيب النفسي و الجسدي منذ نعومة أظافره. ألستم أباء و بينكم أم و لكم أطفال يمكن أن تبتلوا فيهم كما ابتليت في إلياس ؟ أسأل الله أن يحفظ ذريتكم و ذرية المسلمين ؟
أليس حري بكم أن تنفقوا هذا الوقت و هذا الجهد في عبادة الله سبحانه و تعالى و إقامة دينه و نصرة قضايا المسلمين الذين استبيحت مقدساتهم و دماؤهم و أعراضهم و خيراتهم ...

أليس حري بكم أن تنفقوا هذا الوقت الذي تنفقونه في السب و الشتم و المراء و الجدال في نصرة الأسرى المستضعفين القابعين خلف أسوار الظلم ينتظرون الفرج من الله و تهفوا قلوبهم إلى معانقة الحرية و استنشاق عبير العزة و الكرامة التي ذبحتها دولة الحق و القانون التي سلمت من ألسنتكم الحداد الأشحة على الخير التي سلقتمونا بها نحن أخوانكم ؟ بلغ الإحباط و اليأس منكم بسبب خذلانكم لقضية أسرانا الذين انشغلتم عنهم بالملاسنات على صفحة الفايسبوك للحصول على بعض حقوقهم إلى قطع شرايينهم كالأخ يحيا الهندي و شنق أنفسهم كالأخ محمد مهيم و شرب المواد السامة كالأخ حمو حساني و الأمثلة كثيرة إلى درجة أننا فقدنا أخانا أحمد بن ميلود رحمه الله الذي مات إثر إضراب عن الطعام و الماء جاوز 70 يوما في تجاهل غريب و مريب و الله المستعان.
أليس حري بكم أن توفروا جهدكم و طاقاتكم للوقوف في وجه قطاع الطرق و سماسرة الحقائب الوزارية و المقاعد البرلمانية ... الذين يريدون وأد حقوق إخوانكم الأسرى عن طريق إجبارهم على مراجعات فكرية تنسف قواعد الدين و لها مفعول سحري يعجب منه سحرة فرعون تقلب الظالم مظلوما و المظلوم ظالما و تحيل الجلاد ضحية و الضحية جلادا. و في حالة إطلاق سراح الأسرى و طي هذا الملف ـ المزعج ــ الذي أصبح يشكل وصمة عار على جبين دولة الحق و القانون و عبئا على كاهلها في ظل سقوط الطغاة ــ تخرج الدولة الظالمة منتصرة و يخرج الأسرى المظلومون مذؤومين مدحورين و العياذ بالله.
آن الأوان لأعلن استقالتي و أنا في كامل قواي العقلية ... نظرا للمستوى الساقط لبعض رؤوس اللجنة و أعضائها, هدانا الله و إياهم, الذين سلوا أقلامهم و ألسنتهم على أعراض الأسرى الحاليين و السابقين على صفحة يمكن أن نعتبرها وقفا لأنها أنشئت أصلا للتعريف بقضية عادلة و نبيلة و لتكون واجهة مشرفة و مشرقة تحصد تعاطف الناس عبر العالم فإذا بها أصبحت مرتعا للجدال و المراء و السب و الشتم و التحقير و التشهير و الهمز واللمز و الزبونية و المحسوبية و الله المستعان. أصبحنا نحن المعتقلون السابقون و الحاليون أعراضنا مستباحة و كرامتنا مهانة لا يرقبون فينا إلا و لا ذمة و لا يقيمون اعتبارا لا لكبير و لا صغير و لا امرأة و لا أسير. و أصبحت الصفحة الرسمية للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين حلبة لتصفية الحسابات و نشر الغسيل و الكلام الساقط و الحذف و الإقصاء. فلم يعد يتسع صدرها حتى لبيانات الأسارى و لا تصيخ سمعها لأنّات الثكالى و الأرامل و اليتامى بل أصبحت سيفا مسلولا على رقابنا، وهما و غما جديدا في حياتنا لدرجة أنهم أصبحوا فاكهة مجالس المتربصين من علمانيين وأشباههم، و فضائحهم على الصفحات الأولى للجرائد الصفراء التي تديرها أياد خفية لا تخفى على الذي يعلم السر و أخفى، ثم لا تخفى على كل ذي لب، و الحمد لله الذي عافاني من الخوض في هذه الأمور رغم أنني كنت ضحيتها الأولى و عند الله تجتمع الخصوم. و كل من أنكر المنكر يطرد من جنة اللجنة و تصيبه اللعنة و يحذف نهائيا و لا يمكنه حتى الاطلاع على محتواها ليبقى الباطل مهيمنا. لكن هيهات هيهات فالحق أبلج و الباطل لجلج و الفجر بإذن الله بازغ لا محالة و إن طال ليل الظلم, فشمس الحقيقة ستذيب أشعتها جليد الشبهات و الإشاعات، إن شاء الله تعالى، ليحي من حي عن بينة و يهلك من هلك عن بينة.
و في الختام أوصي نفسي و إياكم بتقوى الله عز و جل فلن تنفعكم اللجنة يوم لا ينفع مال و لا بنون يوم الحسرة و الندامة هداني الله و إياكم لما يحب و يرضى.
الإثنين 3 صفر 1434 هـ الموافق لـ 17 دجنبر 2012 م.

الخميس، 6 دجنبر 2012

الخميس، 29 نونبر 2012

الأحد، 18 نونبر 2012

فقاعة حب




مجرد فقاعة أخرى كسابقاتها، تبدأ صغيرة ثم تكبر شيئا فشيئا ثم تختفي فجأة وتتلاشى مع أول نسمة هواء. لا أثر، كأن شيئا لم يذكر كأن رسائل لم تسطر، أثر وحيد بقي صامدا شامخا، بقي علامة على ما كان، إنه جرح غائر في قلبي، لون شاحب في وجهي.
فقاعة أخرى تعهدتها بالرعاية، وكانت تكبر أمام ناظري، فرويتها بدمي، معتقدا أنها ستكبر بالحجم الذي ستحتويني، تضمني، تسعني، تسع أحلامي وآمالي، لكنها كبرت ككرة ثلج، لتذوب آخر النهار.
فقاعة صناعتها بيدي ونفخت فيها من روحي، فتخيلتها بلورة سحرية، أنظر من خلالها لمستقبلي أخرج بها من عالمي لأحلق في عوالم أخرى، فقاعة أخرى انفجرت مع أول زفرة ألم وحسرة، أنا لذي اعتقدتها ستداوي كل جراحي وتواسي كل أتراحي.
كانت مجرد فقاعة فارغة، تطير مع كل نسمة هواء وتستجيب لكل نداء، لا يقر لها قرار، تعبت في ملاحقتها وأرهقت نفسي في حراستها، خوفا عليها من التلاشي، أعترف بغبائي، فإلى أي مدى يمكن لإنسان أن يحافظ على فقاعة، أن يصونها ويحميها، إن أمسكها انفجرت وتلاشت، وإن تركها طارت وغابت، لم أنتبه إلى أن عالمنا مليء بتلك الفقاعات التي لا تستحق تضحية ولا اهتماما.
فقاعة لن أنسى لها مزية واحدة، درسا بليغا تعلمته وهو أنه:
 بمقدار صدق الحب يكون الجرح غائرا
وبـِمقدار الجرح يكون الألم كبيرا
وبـِمقدار الألم يكون النفور حقيقيا
وبـِمقدار النفور تكون الكراهيه أبدية
كرهت الفقاعات إلى الأبد.


الخميس، 15 نونبر 2012

عـــــــــااااااجل: بخصوص العدوان الصهيوني على غزة


عـــــــــااااااجل: من قلب جامعة الدول العربية بخصوص العدوان  الصهيوني على غزة
في تطور خطير قد يقلب الأوضاع كلها
.
.
.
.
.
.
.
.















.
الجامعة العربية تحشد آلاف الميكروفونات للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة










السبت، 10 نونبر 2012

الخطة الغيريتسية للفوز بكأس الأمم الإفريقية


بقلم: مصطفى الحسناوي




قبل مغادرته أرض الوطن، قدم المدرب البلجيكي غيريتس، وعدا لملك البلاد بإحضار الكأس الذهبية من بلاد الجابون، لإثبات جدارته واستحقاقه، بالملايين المملينة التي يأخذها من حق الجياع والمحرومين، لأنه سيرسم على وجوههم بسمة الفرح ويجعلهم يحسون نشوة النصر، والعزة والكرامة التي يفتقدونها في وطنهم.
ولأن مهمة غيريتس السياسية بالإضافة لمهمته الرياضية، في غاية الأهمية على السياسية الخارجية و الداخلية، على حد سواء, فإن الدولة قررت التكرم على هذا البطل القومي، بما يعادل راتب 1000 موظف سلم 7.
ولأن وعد الملياردير دين عليه، فقد حزم غيريتس حقائبه وحزم معها أمره، ألايعود إلا والكأس المقدسة في يده، علها تطرد الأرواح الشريرة عن مملكتنا السعيدة، وتجلب لنا الفأل الحسن، عوض هذه الكآبة وهذا التشاؤم الذي ملأ أرضنا وسماءنا، والتي لم تفلح كل المهرجانات براقصاتها وراقصيها، في الحد من انتشاره.
طار غيريتس إلى بلاد الجابون، لكن النحس طار معه أيضا، ودعوات المحرومين والجياع ترافقه، فلم تنفعه طلاسمه ولا خططه، أمام المنتخب التونسي، إذ كيف ينتصر على منتخب تحرر من كل عقد الخوف والقمع، والإحساس بالنقص والدونية، ولا أدل على ذلك استعانته بمدرب شاب، من أولاد الشعب.
غير غيريتس خطته بما يلائم منتخب الفهود، ووزع عناصره كأنه يستعد لحرب شاملة، المميمنة والميسرة ورأس الحربة والدفاع والهجوم، الانتصار الانتصار دقت ساعة الحسم، لكن صاحبنا كان يخاطب جيشا من اللدائن، لاندري كم يمتص هو الآخر من أرزاق الجياع والأرامل والأيتام، بطواقمه وعناصره وتكاليفه.
مني منتخبنا إذن بهزيمتين، بوأتاه مؤخرة الترتيب مناصفة مع فريق النيجر، بصفر نقطة لكل منهما، كالحمار يحمل أصفارا (وليس أسفارا).
لكن خطط غيريتس لا شاطئ لها، وأمانيه لاحدود لها، فقد اتصل بي شخصيا، ليبلغ من خلالي المغاربة حكومة وشعبا، أن هناك أملا كبيرا في تأهل المنتخب للدور الثاني، وفق خطة غيريتسية رهيبة، وسيناريو هوليودي عجيب.
فقد حدثني حديث الواثق من نفسه، أنه لو مات الفريق الغابوني عن بكرة أبيه، وانتصرنا على النيجر، فسيكون التأهل من دون شك مصيرنا. لكنه تخوف من عدم تمكن عناصره من تخطي حاجز النيجر، لذلك فخطته البديلة، هي أن يموت الفريقان المتأهلان معا تونس والغابون، ليجنب فريقه عناء أي منازلة، وحرج أي مقابلة، ولما استبعدت موت عناصر الفريقين جملة واحدة، رد يجب فقط اتخاذ الأسباب، قلت له ليس أمامك إذن إلا تسميم الفريقين، أو التعاقد مع جهاز من أجهزة المخابرات أو منظمة بلاك ووتر، لتفجير الفنادق حيث يقيم الفريقان.
فجأة تذكر صاحبي أنه أسلم قبل فترة، وخطر بباله أن يستعمل سلاح الدعاء، وصلاة الاستخارة والحاجة، للقضاء على الفريقين، دون خسائر أو مغامرات، وما ذلك على الله بعزيز.
سألته عن الجدوى من ذلك، خصوصا إن كان النصر يسجل للدولة، وليس لمنتخبها، أي هل النقط الست هي للعناصر التي أحرزتها، أم من حق الدولة أن تعوض الفريق المتوفى بفريق آخر مع الاحتفاظ بالنصر، احتار صاحبي أمام هذه الإشكالية القانورياضية، وصمت مفكرا قبل أن يستطرد، إن كان هناك فراغ قانوني فيمكن بكل سهولة أن نستغله لصالحنا، بتقديم رشوة للفيفا، التي لن تقاوم أمام ملايير الدولارات وهي تراها تحول إلى أرصدة أعضائها، وسأتكلف بالاتصال بالمسؤولين عن الرشوة في البلاد لتدبير الملف، كل ذلك في سبيل رسم البسمة والفرحة، على وجوه البؤساء والمحرومين، من أبناء الشعب المغربي.
لكن إن حسم الأمر بتسجيل النصر للدولة المتوفى فريقها، فخطتي السرية كفيلة بقلب كل الموازين.
قلت له لاشك أنك ستكلم المسؤولين في الجيش لشن حرب إبادة على تونس والغابون. لكن مالعمل مع الفرق المتبقية؟ للفوز بالكأس دون منازلة، هل ستعلن حربا عالمية لإبادة الدول المتنافسة كلها؟ بدا صاحبي متحمسا للفكرة، وبدأ في وضع خطته لتشكيل حلف عسكري، للاستيلاء على الكأس المقدسة، ففي سبيلها ترخص الأموال والمهج والأرواح.
قبل نهاية حديثنا، أطلعني على خطة مكتملة المعالم، مدروسة الجوانب، لكن منعه من مباشرتها، كونها خطة غير شريفة، تقضي بالتحالف مع مافيا إيطالية، لسرقة الكأس الإفريقية المقدسة، ومع ذلك إن سدت الأبواب، فالوفاء بالوعد يحتم سلك كل السبل.
أنهيت المكالمة وكلي أمل أن يتوفق غيريتس في مساعيه النبيلة من أجل شعبنا العظيم.

السبت، 20 أكتوبر 2012

تحقيق للمساء عن المقاتلين المغاربة بسوريا قد يجر الجريدة إلى القضاء


عبرت عائلة من وصفته جريدة المساء بالقائد الميداني مع الثوار في سوريا، المغربي عبد العزيز المحدالي عن استيائها العميق مما جاء في تحقيق الصحفي اسماعيل الروحي والذي وصفته بالتحريضي وغير المهني، وفي اتصال لي مع العائلة لم تستبعد إمكانية متابعة الصحفي قضائيا، والتنسيق مع من أساء لهم تحقيق المساء من أجل الرد بشكل جماعي، إلى ذلك توصلت من العائلة ببيان أنشره كما وردني:



بيان استنكاري من عائلة عبد العزيز المحدالي

الرد على التحقيق البوليسي الذي أجرته جريدة المساء


طالعنا ببالغ الأسف ما أسماه الصحفي بجريدة المساء اسماعيل الروحي تحقيقا صحفيا، أجراه عن شبكة تجنيد المغاربة للقتال في سوريا. التحقيق كان من الأفضل أن يسمى تحقيقا أمنيا بوليسيا مخابراتيا أي شيء، إلا أن يسمى تحقيقا صحفيا.
لقد حفل التحقيق البوليسي الذي أنجزه اسماعيل الروحي، بالكذب والاختلاق والتلفيق والتجني والتحريض واللمز والنبز، بالإضافة للمعلومات المخابراتية التي لا يحصل عليها إلا من عنده حظوة لدى الأجهزة المعلومة، إذ كيف لصحفي أن يعرف أن شخصا هاجر لسوريا ثم أصبح قائدا ميدانيا، إلا أن تكون معلومة مخابراتية، أو كذبا مختلقا، بنفس الطريقة التي اختلق بها شخصا آخر وأوجده من عدم وأطلق عليه اسم عبد العزيز الحداد، وقال أنه من حي رأس لوطا ويعمل بسوق بن عمر، والكل يعلم أن لا وجود لأحد بهذا الاسم وهذه المواصفات من رأس لوطا أو بسوق بن عمر، دون الحديث عن أخطاء فادحة لا يقع فيها أي صحفي مبتدئ، كعدم الدقة في الاسم حيث حرف المحدالي إلى المحداني، وكدخول الذاتية وأحكام القيمة وإبداء مواقفه وتعليقاته الشخصية، في ما أسماه تحقيقا صحفيا، ضاربا عرض الحائط بكل قواعد وأصول المهنة.
إن هذا العمل المبتذل والمنحاز والملفق وغير المهني، يضع جريدة المساء كاملة في المحك أمام قرائها ويمس مصداقيتها في العمق، حيث بدأنا نلاحظ تعاطيا مختلفا عما عهدناه منها من قبل، وقد علقنا فقط على ما له علاقة بابننا، وإلا فإن التحقيق حافل بالمؤاخذات والكذب والتهويل والتلفيق، نترك للمعنيين الرد على ما يمسهم فيه.
في الختام نوجه الدعوة من أجل التواصل مع كافة المتضررين من هذا العمل غير الصحفي وغير المهني والذي هو إلى الوشاية والتحريض أقرب، لتدارس كيفية وسبل الرد مجتمعين على هذا العمل الجبان.

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

مشاريع التغيير من الرايات الخضر إلى الرايات السود (1)



مصطفى الحسناوي




كنت أفكر في إعداد بحث مستفيض يتناول العنوان أعلاه، بالمتابعة والرصد والتحليل، مستعينا باستقراء أحداث التاريخ، واستنباط الدروس والعبر من تجارب مختلف التوجهات الإسلامية خلال الحقب والأزمنة التي مرت منها التجربة الإسلامية السياسية والعسكرية، تحت رايات ومدارس ورؤى واجتهادات أغنت تراثنا وأثرته. محاولا توقع ما قد يطفو على سطح هذا الصراع والتدافع الذي نعيشه من مشاريع، وما سيتمخض عنه هذا الواقع من قيادات وأفكار وبرامج. لكن نقاشا حول الرايات السود أثير مؤخرا، (خاصة مداخلة كل من الأستاذين الفزازي وعبد الوهاب رفيقي) جعلني أسرع وتيرة إعداد الموضوع، وأتخلى عن نقط ومحاور منه لمناسبة أخرى، وأخرجه إخراجا آخر، وقبل استهلال الموضوع، أود بسط بعض الأسئلة والتوجيهات ذات العلاقة، إسهاما مني في إثراء هذا النقاش، فأقول:
أن الراية هي شعار وعلامة قد تدل على توجه فكري أو ثقافي أو سياسي أو رياضي، لذلك نجد العلم الأمازيغي وأعلام الفرق الرياضية، وأعلام أصحاب التوجهات الشيوعية، وأعلام النقابات والجمعيات الكشفية، وقد تقوم مقام هذه الأعلام شعارات الأحزاب ورموزها، وشعارات الجماعات الإسلامية ورموزها، حيث يتجمع الناس تحتها ويرفعونها إعلانا منهم عن التميز بفكر أو برنامج أو توجه، وغيرها من الأعلام التي يضيق المكان عن عرضها.
في ظل تعدد الأعلام والرايات على الصعيد الإسلامي والعربي والوطني والمحلي، هل رفع راية تدعو لوحدة المسلمين هو من الدعوة إلى التشرذم والانقسام، أم مساهمة في طريق الوحدة والاتحاد؟
ماذا يضير أن يرفع إنسان أو توجه ما علما أو راية، علامة على تميز دعوته واختياراته الفكرية و الفقهية والسياسية والثقافية، طالما أنه لا يخالف شرعا أو قانونا؟
الذي عارض رفع الراية السوداء، هل يعترض على اللون؟ أم على ما هو مكتوب فيها؟ أم على رفع راية أصلا؟ أم على كون الراية إسلامية؟ وماذا لو تم رفع نفس الراية بألوان أخرى؟
الراية السوداء قطعا ليست خاصة بالقاعدة ولا السلفية الجهادية، بل تبناها حزب التحرير وهو أقدم منهما، وتبناها تنظيم التجديد الإسلامي، وهذه تنظيمات سلمية لا تؤمن بالعنف، كما أن راية الجهاد الإسلامي في فلسطين سوداء، وهو تنظيم إسلامي أقرب لمدرسة الإخوان المسلمين، ويصنف ضمن ما يسمى بالمقاومة المشروعة والشريفة، مقابل التنظيمات الجهادية التي تصنف في خانة الإرهاب، وفي حادثة الاستهزاء الأخيرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، تم رفع هذه الراية من طرف الشعوب الإسلامية، ومن أناس عاديين في مختلف بقاع الأرض، لما لها من رمزية، حيث إن هذه الراية هي الأقدر على التحدي والمناهضة والمناقضة، لحضارة وثقافة عالمية عنصرية ومعتدية لم تكف أذاها عنا وعن مقدساتنا أبدا، ولا يوجد أي شعار أو رمز له من الدلالة الرمزية والسيميائية في معركة الرموز والشعارات، مثل ما لهذا العلم وهذه الراية، فهو إذن رمز لحضارة وثقافة، ودعوة للتجمع والوحدة، مقابل ثقافة وحضارة أخرى معتدية، ولا يستطيع أي علم أو راية أن يقوم بهذا الدور من الأعلام الوطنية والثقافية والحزبية وغيرها، لأنها معركة أمة بكاملها. وقبل ذلك كانت هذه الراية شعارا للخلافة العباسية، هذا دون الحديث عن راية العقاب التي كان يحملها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد روى البخاري عن عبد الله بن عباس أنه قال: "كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء". وروى الترمذي عبد الله بن عباس أنه قال: "كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء، ولواؤه أبيض".
هذا العلم الأبيض الذي اعترض عليه أيضا من اعترض، كان علما رسميا معترفا به لدولة أفغانستان لمدة خمس سنوات. من سنة 1996 إلى سنة 2001.
هل كون أن القاعدة عرفت وتميزت بهذه الراية، مدعاة لنبذها والتخلي عنها؟ طيب القاعدة تدعو للجهاد ولتطبيق الشريعة، فهل نحذر من هذه المطالب أيضا بدعوى دفع الشبهة؟ هل نجتنب التحذير من الخرافات و القبورية لأنها دعوة سلفية؟، هل نجتنب لبس القميص القصير لأنه علامة سلفية؟، هل نجتنب إطالة اللحى لأنها سمة سلفية حتى لا يتم تصنيفنا ونجلب على أنفسنا الشبه؟، هل نتجنب الدعوة لقيام خلافة إسلامية لأن العدل والإحسان وحزب التحرير يدعوان إليها؟، هل نترك تلاوة الآية القرآنية "ألا إن حزب الله هم الغالبون"؟، أم نمسحها من القرآن الكريم، لأنها شعار الحزب الشيعي اللبناني؟، هل نفعل ذلك مع آية "إن الله يأمر بالعدل والإحسان"، والآية الكريمة "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت" وهما شعاران لجماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح، وهلم جرا...؟
هل كلما تميزت جماعة أو دعوة ما، بفريضة إسلامية أو أحيت سنة مندثرة، وأصبحت علامة عليها، لاهتمامها بها وتركيزها عليها، اجتنبناها دفعا للشبهة؟ إننا إن فعلنا ذلك انسلخنا من كامل إسلامنا.
هناك خلط لست أدري أهو متعمد مقصود أم لا؟ بين أحاديث عودة الرايات السود في المستقبل، وبين وجودها في الماضي، وبين رفعها في الحاضر، وهي مواضيع ومباحث مختلفة، طرحها بهذا الشكل الملتبس، لا يعد من النقاش العلمي، ويطرح علامات استفهام على القصد والغرض من إثارتها بهذا الشكل.
ما علاقة اتخاذ راية سوداء أو بيضاء ورفعها كرمز وشعار؟، ما علاقة ذلك بأحاديث الرايات السود والاستدلال عليه بضعفها؟، إن الأمر أشبه بمن أراد تسمية ابنه بالمهدي، فاحتج عليه محتج بأن الأحاديث في المهدي لا تصح، أو كمن اكتشف أن داعية ومصلحا اسمه المهدي، فذهب يوهن من عزيمته ويفت في عضده ويثنيه عن دعوته، بدليل أن أحاديث المهدي لا تصح، ولا دليل على قيام مصلح يتسمى بالمهدي.
لنفترض أن النصوص الواردة في عودة الرايات السود كلها ضعيفة، رغم أن هناك من ينازع في ذلك، فهل يستفاد من ذلك حرمة رفعها؟
إن اتخاذ الراية هو كاتخاذ الاسم والرمز والشعار، إذ هو يعبر عن تواجد تجمع لأناس يتقاسمون نفس الأفكار، فما العيب في ذلك؟، ولماذا لا ينكر على من اتخذ اسما وشعارا وعلامة من الأحزاب والجماعات، بل قد يقع في هذا الأمر، هذا الذي يستنكر ويعترض نفسه، فتجده يسعى لتأسيس حزب أو جماعة، ويتخذ له اسما أو علامة، ثم ينكر على غيره ذلك؟
أليس التجمع على لا إله إلا الله توحيدا للأمة، وهو لا يقارن بتاتا بغيره من دعوات التجمع والاستقطاب، ولا يشكل أي خطر أو ضرر؟
أكتفي بهذه العينة من الأسئلة، وإن كان لا يزال منها المزيد، لكن أعتقد أنها كافة كأرضية لنقاش يحيط بجميع جوانب المسألة، لمن أراد أن يناقش بجدية، بعيدا عن الفقاعات الإعلامية.
يتبع



الجمعة، 7 شتنبر 2012

تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب (ورقة مذهبية أولية)



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه أجمعين،

أما بعد:

نتقدم بهذه الورقة المذهبية الأولية، لسائر العلماء والدعاة والباحثين والمهتمين وعموم المسلمين، قصد إبداء آرائهم ونصائحهم وتوجيهاتهم وانتقاداتهم، التي سنتقبلها بصدر رحب، بل ننتظرها بفارغ الصبر، تصحيحا لما قد يصدر منا من تقصير أو خطأ أو سهو أو نسيان، قبل اعتماد الورقة المذهبية النهائية.



ورقة مذهبية أولية


مقدمة:

أنصار الشريعة عنوان لعمل دعوي تربوي، وتدافع ثقافي حضاري، مجال عمله الإسلام ككل. فأنصار الشريعة تدعو للإسلام بالإسلام، تحيي ما اندرس من آثاره وتبين ما اندثر من أحكامه، بالعلم والحلم والحكمة والموعظة الحسنة، وكذا بالثبات والصبر على الحق والصدع به، ودعوتنا موجهة للكل،  مفتوحة في وجه الكل دون استثناء، من أجل غاية واحدة، أن يعود الإسلام كما كان واضحا صافيا حاكما سائدا عزيزا رحمة للعالمين، انطلاقا من ضوابط وقواعد وأيضا أهداف وغايات، ترسم طريقنا وتنير دربنا، وهذه الورقة جاءت للإجابة على الأسئلة التي ستطرح بخصوصنا بشكل مجمل، وسيكون التفصيل والتبيين والتوضيح مواكبا لمسيرتنا حاضرا في تحركاتنا، لكل ما يعرض من قضايا وهموم ومشاكل، سندلي فيها بدلونا ونشارك بما نعتقد أنه الرأي الصواب السديد، انطلاقا من مرجعية شرعية خالصة تراعي الواقع دون أن تخضع له.
وقد انطلقنا في عملنا هذا بعد التوكل على الله عز وجل من منطلقات ودوافع للإجابة على أسئلة المرحلة

المنطلقات والدوافع الشرعية والسياسية:

ونقصد بها الأسس والمرتكزات التي ننطلق منها، وكذا الدوافع والمحفزات التي جعلتنا نتحرك للمساهمة في نصرة هذا الدين، وإرجاع الشريعة لمكانتها الحقيقية التي تليق بها، وهي منطلقات ودوافع لها شق شرعي عقدي، وشق سياسي، ونجملها فيما يلي:
ننطلق من العقيدة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، وربى عليها ذلك الجيل القرآني الفريد، ولأنها معلومة إجمالا، فإننا سنشير إشارات عابرة فقط، لما قد يثير استفسارات المتتبعين والباحثين والفضوليين والمتصيدين، مما له علاقة بالواقع في مجال المعاملات والعلاقة مع الآخر، فنقول ابتداء:
أن الأصل في الناس في مجتمعات المسلمين: الإسلام وأنهم مسلمون ما لم يظهر منهم ما يدل على خلاف ذلك، والمسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعِرضه، لا يجوز الاعتداء عليه في شيء، كما لا يجوز تكفيره بالظن، والمرجوح، أو المتشابهات، إلا أن يُرى منه كفراً بواحاً لا يحتمل صرفاً ولا تأويلاً ، لأن الإسلام الصريح لا ينقضه إلا الكفر الصريح.
ولا نشهد على معين من أهل القبلة بجنة ولا نار، ولا بعفو ولا عذاب، إلا من ورد بحقه ممن سلف نص شرعي.
ونحترم علماءنا ونجلهم، ونعرف لهم فضلهم وحقهم، ونتوسع لهم في التأويل فيما أخطأوا فيه، ولا نعتقد بعصمتهم أو أنهم فوق الخطأ أو التعقيب، أو أنهم فوق أن يُقال لهم أخطأتم وأصبتم. ولا نتعصب لهم ولا لأقوالهم فيما يخالف الحق، ولا نتابعهم فيما أخطأوا فيه، فالحق أولى بالاتباع، وهو أحب إلينا مما سواه.
ونعتقد أن العلمانية على اختلاف راياتها ومسمياتها وأحزابها المعمول بها في بلدان العالم الإسلامي، التي تفصل الدين عن الدولة والحياة، وشؤون الحكم والعباد، وتجعل ما لله لله؛ وهي المساجد وزوايا التعبد وحسب. وما لقيصر لقيصر؛ وهي جميع مرافق وشؤون الحياة، وما كان لله يصل لقيصر، وما كان لقيصر لا يصل إلى الله، وليس من حقه ولا من خصوصياته التدخل فيه ـ غرسٌ خبيث ودخيل على الأمة وثقافتها، وهي كفر بواح ومروق ظاهر من الدين قال تعالى:{فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}الأنعام:136.
فالعلمانية ودين الله لا يلتقيان، ولا يتعايشان، ولا يجتمعان في قلب امرئٍ أبدا.ً
فنحن إذن:
ننطلق من عقيدة أهل السنة والجماعة، ومن مصادر الفهم والتلقي وآليات الاستنباط والاستدلال والتنزيل لديها، في التعاطي مع كل القضايا والمفاهيم والمستجدات المطروحة، دون غلو أو تفريط أو إفراط، أو تمسح أو تملق أو تنطع أو تشدد، أو جمود متحجر أو واقعية متميعة.
وننطلق من منطلق الواجب والأمانة والمسؤولية الشرعية في الدعوة والتبليغ والتبيين والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكافة الناس مسلمهم وكافرهم حاكمهم ومحكومهم.
دفعنا أيضا خلو الساحة من قائم لله بالقسط، يدعو لحكم الشريعة، وهو الهدف الذي قامت من أجله كل الجماعات الإسلامية، ثم تراجعت عنه تحت ضغط الواقع والواقعية، أو أجلته أو كتمته.
دفعنا تنافس أصحاب البرامج والمشاريع، وتزايد أصحاب الدعوات واكتظاظ سوقها، دون أن يكون للشريعة نصيب، وحال دعاتها بين طريد وشريد وأسير وغريب.
دفعنا هذا الواقع المتردي وشيوع حالة الظلم والاستبداد السياسي والفساد والتخلف بكل أشكاله، الذي نعتقد جازمين أن سببه هو غياب شرع الله في الحكم والسياسة، وهو أبرز مدلهمات وكوارث وضلالات وبدع هذا العصر الخطيرة.
كما أحببنا أن يكون هذا الإطار محضنا لكل من يريد إعادة حكم الشريعة بشموليتها، في السياسة والاقتصاد والسلوك والاعتقاد، وفي كل مناحي الحياة، فهو محضن لكل داع للشريعة مطالب بها.

الأهداف والغايات:

لاشك أن الهدف الذي يسعى إليه كل مسلم هو إرضاء الله تعالى، وإرضاؤه لا يكون إلا بما شرع، وإرضاء الله تعالى هو الأصل الذي تتفرع عنه كل الأعمال والطاعات والقربات، وهي أعمال تتفاوت أهمية وجزاء وثوابا، ويبقى نشر الدين وإعلاؤه وإعزازه، على رأس تلك الأعمال والمهمات، وهو هدف عام مشترك بين سائر الدعاة والجماعات والذين سنتقاسم معهم المسؤولية والواجب بتفاوت في جوانب اخرى أهمها:
تعليم العلم النافع ونشر العقيدة الصافية وتصحيح المفاهيم المنحرفة والرد على الشبهات المضللة.
دعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة إلى الالتزام بالدين وأداء الواجبات والكف عن المحرمات وهجر المبتدعات والتحلي بالأخلاق الفاضلة .
تحريك الشارع المسلم بالخطاب الشرعي الملتزم لنصرة قضايا الأمة والمنافحة عن الدين ومواكبة الأحداث والمستجدات على الساحة الإسلامية.
المساهمة بما أمكن في خدمة الأمة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية من خلال العمل الخيري الذي يلبي بعض الاحتياجات الماسة.
أما ماسنتميز به ويمكن أن يكون إضافة نوعية في الحقل الدعوي والسياسي فهو:
التحذير من العلمانية والقوانين الوضعية وبيان ما فيهما من مناقضة للدين واتباع لسنن الكافرين .
الدعوة إلى تحكيم الشريعة وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله في الدين وما يترتب على تطبيق الشريعة من المصالح الدينية والدنيوية وما يترتب على غيابها من المفاسد فيهما كذالك.
تكوين "رأي عام" ملتزم بالشرع وغيور على الإسلام ومتحرر من التبعية للأفكار الغربية، من أجل الدفع لتشكيل جبهة وقوة إسلامية في إطار واحد حول هدف واحد ومشروع واحد، من أجل السعي لتحكيم الشريعة بالوسائل الشرعية، والمساهمة في عودة دولة الخلافة كنظام سياسي جامع لوحدة الأمة و بها يكون عز المسلمين.

الوسائل والآليات:

أما الوسائل والآليات التي سنعتمد عليها في عملنا فكل وسيلة وآلية نافعة غير محظورة في الشرع، كمنابر المساجد والدروس والتجمعات والملتقيات وتوزيع الكتب والمنشورات والاستعانة بكل ما أمكن من وسائل الإعلام مقروءة أو مسموعة أو مشاهدة، وسنستغل هذا الهامش من الحرية الذي أتاحته ثورات الربيع العربي، والذي لا ننكر أن بلدنا يتنسم بعض نسائمه، ومن صالحنا استمراره والحفاظ عليه وتوسيع دائرته، لذلك نؤمن في هذه المرحلة وهذه الظرفية بالعمل السلمي، نئيا بالأمة من الاحتراب الداخلي، الذي لن يجني ثماره إلا الأعداء، جمعا للكلمة وتوحيدا للصف وتحقيقا لمقاصد الشريعة.

خاتمة:

ونختم بهذا التوضيح بخصوص الاسم الذي قد يثير التساؤلات، لدرجة أن باحثا في الجماعات الإسلامية اعتبر ظهور هذا الاسم في المغرب حقيقة وواقعا وليس كذبة أبريل أو شوال، وتناول الموضوع بطريقة تهويلية ترهيبية. لذلك نقول أن أنصار الشريعة بالمغرب، إطار دعوي تربوي سياسي سلمي، ليس له أي ارتباطات تنظيمية خارجية، وأن تجارب أنصار الشريعة بكل من اليمن والسعودية وليبيا وتونس، على مابينها من تباين واختلاف، لايمكن إسقاطها على واقعنا شرعا وعقلا، فأنصار الشريعة باليمن رأت الخروج على الحاكم، وفي ليبيا انضمت للثوار، أما في تونس فهي جماعة دعوية، وفي السعودية جمعية خيرية، وكل ينصر الشريعة من موقعه بما يراه صوابا.
ولأن منطلقاتنا هي الشريعة وأهدافنا هي الشريعة ووسائلنا هي الشريعة ومقاصدنا هي الشريعة، فقد جعلنا اسمنا مرتبطا بها.

تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب




السبت، 1 شتنبر 2012

تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب


توصلت ببيان من جهة تطلق على نفسها أنصار الشريعة بالمغرب
هذا نصه:


بيان رقم 1
تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم المبعوث بالحق والرحمة للعالمين
أما بعد:
فقد راجت إشاعات عن تشكيل تنسيقية أنصار الشريعة للدفاع عن معتقلي الرأي والعقيدة، برآسة السيدة أم آدم، ونحن إذ ننفي جملة وتفصيلا ما تم ترويجه نؤكد مايلي:

تنسيقية أنصار الشريعة، ليست تنسيقية حقوقية، بل هي تيار دعوي يدعو للإسلام بشموليته ورحمته وعدله.
أنصار الشريعة لازالت في طور التأسيس والتكوين والتشاور.
تنسيقية أنصار الشريعة لاعلاقة لها بالسيدة الفاضلة أم آدم، فضلا على أن تترأسها.
الوقفة التي تمت يوم الجمعة 31\08\2012 مساندة للسيدة أم آدم أمام سجن تيفلت، وإن أشير فيها لأنصار الشريعة إلا أنها تمت بشكل تلقائي وعفوي من شباب حركتهم الغيرة والنخوة والواجب، ولم تكن بغرض إيصال أي رسالة لأي جهة، سوى رسالة واحدة للجلادين، أننا مع أمنا السيدة أم آدم في محنتها.
تنسيقية أنصار الشريعة غير معنية بأي صراع أو منافسة أو رد، ولم تنشق أو تنفصل عن أي جهة، وليست لها علاقة بأي صراعات أو مناوشات أو ردود، وليست موجهة ضد أي جهة حقوقية أو دعوية أو سياسية، بل هي مستعدة للتعاون على الخير مع الكل، في إطار واضح وشفاف، وبضوابط الشرع.
في الختام نعلن أننا اضطررنا لإصدار هذا التوضيح قبل الإعلان عن أنفسنا وتصورنا وعقيدتنا، بعد أن راجت بعض الإشاعات التي رددنا عليها أعلاه، ونؤكد أن لا أحد مخول للنطق باسمنا أو التعبير عن مواقفنا، وأن ذلك سيتم عبر وسائل وقنوات سنعلنها لاحقا بعد إعلان ورقتنا المذهبية.
والسلام عليكم ورحمة الله.
تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب


الثلاثاء، 28 غشت 2012

إعلام الجهلاء بصفة الصلاة في حفل الولاء





 بقلم سماحة الشيخ العلامة مصطفى الحسناوي






بلغنا في مكتب سماحتنا، سؤال بخصوص صفة صلاة البيعة أو صلاة حفل الولاء، هيئتها صفتها سننها ومستحباتها، ورغم أنها من المسائل المعلومة ضرورة والتي لايسع المؤمن بها جهلها، فيجب تعلمها والعلم بها والدعوة إليها، وحيث أن السؤال توجه إلينا مباشرة فقد تعينت الإجابة، إجابة وصفية أكثر منها تأصيلية، لتكون دليلا للمصلين، وتنويرا للمحرومين، وإلجاما للخائضين، فأقول وبالله التوفيق:





طوابير طوابير صفوفا متراصة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، يقفون بخشوع وتذلل، المئات من العباد يؤدون هذه الشعيرة السنوية، يشدون الرحال من كل الأنحاء والأصقاع لتلك البقاع المقدسة، يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم، بساحة المعبد يقفون وقوفهم في ساحة المحشر قلوبهم لدى الحناجر خافقة، أبصارهم زائغة، وأعينهم مسمرة على البوابة الضخمة الرهيبة، ينتظرون خروجه برغبة ممزوجة برهبة وخوف مخلوط برجاء، الأنفس معلقة به، تطمع في رضاه وتأمل في قربه، الأنفاس مقطوعة والأعناق مشرئبة وصمت رهيب يخيم على الأجواء يضفي قداسة على المكان، فجأة يقطع هذا الصمت صرير البوابة الضخمة كأنها باب من أبواب الجنان يفتحها عبدان (كلفا بهذه المهمة وهم فيها إلى أن تقوم الساعة)، فيخرج ممتطيا صهوة جواده يتقدم بكل عظمة وجلال وبهاء وقداسة، تظلله مظلة ضخمة يحملها عبد من العبيد، (هذه مهمته أيضا إلى أن تقوم الساعة فهو في عبادة صابر محتسب لا يفتر ولايتعب ولايكل ولايمل، فسبحان من خلقه وصوره).
وهي صلاة لاتحتاج وضوءا ولاطهارة، فيكفي فيها طهارة القلب وسلامته وولاءه وتوجهه التام، ومن كان هذا حال قلبه فيستحيل أن يسهو أو ينسى في صلاته، فهو دائم الحضور والاستحضار والخشوع والتفكر والتدبر، لذلك كانت صلاة خالية من أحكام السهو، خالية من أحكام المسبوق، حيث أن روادها سابقين غير مسبوقين، يبكرون قبل الوقت بهمة ونشاط، ولا تتم الصلاة إلا بحضورهم أجمعين.
تنتظم الصفوف غير متفاوتة ولا مختلفة قيد أنملة، معبرة عن وحدة القلوب ووحدة المعتقد وإخلاص النية والقصد، وحدة يزيدها لباس الإحرام تأكيدا ورسوخا، حيث يجب على العابد التوجه لساحة المعبد بجلباب وسلهام أبيضين وبلغة صفراء، وتختلف مسافة الإحرام حسب إقامة كل عابد، والمسافة التي تفصله عن ساحة المعبد، يتم إعلان دخول وقت الصلاة الضروري بأذان وإقامة مختلفين، تبدأ بخمس طلقات مدفعية تهزك هزا وتذكرك بقدرك وضعفك، تليها ترانيم سماوية وموسيقى عسكرية تحلق بك في ملكوت اللاهوت والناسوت، وباسم الله والوطن وجلالة الملك تبدأ الصلاة.
أمام حشود العباد، ممتطيا صهوة جواده، تظلله المظلة الضخمة كأنها الغمامة التي ظللت محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، يركع المصلون ثلاث ركعات بكل تذلل وخضوع وإنابة، أبصارهم خاشعة وهاماتهم مخفوضة ورؤسهم منكوسة، ثلاث ركعات هي الفرض، أما ما يقال أثناءها من أدعية وأوراد فهو على سبيل الندب والاستحباب، يجتهد فيها العابد ويبذل وسعه لينال الحظوة والرضى، ويرتقي الدرجات العلى، ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما جنى واجترح، وما كسب واقترف، وبينما العابد في تلك الحالة من الوصل والجذب والكشف، يسمع مناديا ينادي مع كل ركعة يركعها، أن عمله متقبل مبرور وأنه لو أتى مثل زبد البحر غفر له، وأنه عبد مخلص مجتبى نال الحظوة والرضى وأن له ما تمنى، فيصيح المنادي (الذي خلق لهذا الغرض وهو يقوم بهذه المهمة منذ الأزل إلى أن ينادى للمحشر)، بصوت مزلزل يسمعه الثقلان، من إنس وجان، وترتج من هوله وقوته كل الأركان، "الله يعاونكم قال ليكم سيدي"، "الله يصلحكم قال ليكم سيدي"، "الله يرضي عليكم قال ليكم سيدي"، وذلك مع كل ركعة يركعها المصلي العابد، كما تقدم ذكره، فيكون نداء المنادي علامة على أن العمل رفع، والدعوة استجيبت والصلاة قبلت والأجر ثبت، فيا سعد من كان هذا حاله، ويا حظ من آل لهذا المصير مآله، فتبيض الوجوه وتنشرح الصدور، ولامجال للحسرة والندامة في هذا اليوم المشهود، وقلما تسود الوجوه وتتكدر القلوب وتضيق الصدور، بل ينعدم ذلك لأنه يوم الرحمات، تفيض في كل الأركان والجنبات، فتعم بركات هذا اليوم، كل المخلوقات، يوم هو خير من ألف يوم، العبادة فيه تغني عن عبادة باقي أيام السنة، والصلاة فيه مجزئة. وهي صلاة كفائية يقوم بها البعض فتسقط عن الكل في الوجوب، لكن أجرها و ثوابها لا يلحق إلا من أداها وأقامها حق قيامها. 

يخرج المصلي من صلاته بغير تسليمة ولاتسليمتين، إذ تكفيه النية، ولاخلاف في هذه المسألة كغيرها من مسائل هذه الصلاة التي وقع عليها الإجماع، ولا يعلم خلاف في أركانها وشروطها وواجباتها ومستحباتها، وهي من العبادات التي وقع عليها الإجماع وانعدم فيها الخلاف، دون سائر العبادات والشعائر والعقائد والشرائع، على مر الأزمنة والدهور، ولايعلم في تاريخنا من تكلم عليها من العلماء، إلا في زمان الفتنة هذا الذي نعيشه، حيث بدأ الرويبضات يتطاولون وينتقدون ويعترضون، محاولين إطفاء هذا النور،  وتحويله إلى ظلام وديجور، كأنهم أعلم من غيرهم وأرسخ من سابقيهم، نسأل الله السلامة والعافية وأن يتغمدنا برحمته، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ويتقبل صلاة المصلين وبيعة المبايعين وولاء الموالين والحمد لله رب العالمين.




هذا ماتيسر جمعه بخصوص هذه الصلاة، وكتبه على عجل، راجي الصفح والغفران، الشيخ العلامة والبحر الفهامة مصطفى بن محمد الحسناوي الميسوري مولدا السلاوي هجرة، كان الله له بمنه وكرمه.
ليوم خلا من شهر شوال عام ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف.